إذا كان الاقتصاد الرأسمالى قد اعتمد في بداية الأمر على
سوق المنافسة وأن الأسعار فيه تتحدد بناء على التفاعل الحر بين قوى العرض والطلب
دون أدنى تدخل يؤدي للتأثير على أطراف عمليات التبادل في السوق ثم رأينا أن النظام
الرأسمالى في تطوره قد اختفت فيه المنافسة الحرة وسيطرة الاحتكارات العملاقة وأصبح
السوق لا يعبر عن رغبات طرف التبادل المنتج والمستهلك .
أما في النظام الإسلامي فإن الأسعار تتحدد في الأسواق
وفي الظروف العادية عن طريق تلاقي قوى العرض والطلب دون أدنى تأثير على أطراف
العملية الاقتصادية وذلك في إطار توفر الآتي :
أ- عرض السلعة على أساس من الصدق وضمان عدم تضليل
المستهلك : وأن تكون مميزات وعيوب السلعة معروضة حتى يستطيع المستهلك أن يقارن
بينها وبين غيرها من السلع على أساس موضوعى مع مراعاة عند الاعلان عن السلعة عدم
المبالغة حتى لا يتم حث للمستهلك على شراء ما لا يحتاجه .
ب- نادى الإسلام يتقليل المراحل الفاصلة بين المنتج
والمستهلك حتى لا يرتفع ثمن السلعة مع كثرة الوسطاء .
ج- تحقيق وسيادة المستويات المناسبة من الأسعار : حيث
يجب أن يعبر الثمن عن جهود الإنتاج وتكلفته وكذلك يعكس مدى منفعة السلعة بالنسبة
للمستهلك وفي حالة وجود ثمن عادل فإنه لا يحق للدولة أن تتدخل في تحديد الأسعار ،
وقد روى الترمذى وأبو داوود والنسائى عن أنس رضي الله عنهم قال : " قال الناس
يا رسول الله قد غلا السعر فسعر لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله
هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعر وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم
يطلب بمظلمة ظلمتها إياه بدم ولا مال " ونستنتج من ذلك أن في الظروف العادية
لا يجوز اجبار البائع على البيع بسعر لا يرضيه فقد ترتفع الأسعار إما لنقص المعروض
منه أو لزيادة الطلب عليه ، غير أنه للدولة أن تتدخل في ظل نظام الاقتصاد الاسلامي
في تحديد الأسعار في حالات الاحتكار حيث يتعمد المنتجون خفض الانتاج بهدف إحداث
عجز معتمد في المعروض من السلعة بهدف رفع الأثمان وتحقيق أرباح احتكارية بغير وجه
حق وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم : " لا يحتكر إلا
خاطىء " ليؤكد رفض الدين الإسلامي لمثل هذه التصرفات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق