تمثل مقابلة الاختيار وسيلة لتقييم المتقدمين لشغل الوظائف ، من خلالها تجرى محادثة مع الأشخاص وجها لوجه ، يبحث المقابلون مع المتقدمين الإجابة عن ثلاثة تساؤلات جوهرية : هل يستطيع المتقدم أن يقوم بالعمل ( القدرة ) ؟. وهل يرغب المتقدم في أداء العمل ( الرغبة ) ؟. كيف يمكن مقارنة المتقدم مع الآخرين ممن يؤدون نفس العمل ؟
وتعد المقابلة من أهم الأساليب الواسعة الانتشار في مجال الاختيار لما تتميز به مرونة وإمكانية التطبيق سواء مع العمالة الماهرة أو غير الماهرة ، ومع المستويات الإدارية أو الفنية والمهنية ، بالإضافة إلى اعتبارها قناة لتبادل المعلومات في اتجاهين فالمقابلون يحصلون على كافة المعلومات عن المتقدمين ، والمتقدمين يتعرفون على ما يريدونه من معلومات عن طريق المقابلين .
أهداف المقابلات :
تتمثل الأهداف التي تسعى المنظمة إلى تحقيقها من مقابلات الاختيار فيما يلي :
الحصول على المعلومات : تسعى المقابلة بشكل أساس إلى الحصول على كافة المعلومات عن الأفراد المتقدمين لشغل الوظيفة ومدى ملائمة طالب الوظيفة لتحقيق الإنجاز الذي تتطلبه تلك الوظيفة .
إمداد المتقدمين بالمعلومات : تهتم المقابلة أيضا بإمداد المتقدمين بالمعلومات الكافية عن المنظمة وتاريخها ومنتجاتها ...... ، كذلك معلومات عن الوظيفة وواجباتها ومهامها وعلاقاتها ...... وغيرها .
المراجعة الشخصية لطالبي الوظيفة : تركز المقابلة على لقاء الأفراد المتقدمين وجها لوجه ، فمن خلال المقابلة يمكن للمديرين والمشرفين وزملاء العمل تغيير أنماط شخصية المتقدمين والتعرف على قيمهم واتجاهاتهم وثقافاتهم ومدى توافقها مع ثقافة المنظمة ، هذا مع تقيم النواحي المادية الأخرى المؤثرة على الأداء الوظيفي .
الانتقادات الموجهة للمقابلات :
تظل المقابلات من أهم الطرق الشائعة وأشهرها لإجراء عمليات الاختيار ، حتى مع الانتقادات المتعددة التي توجه إليها ، والتي من بينها :
خطأ الانطباع الأول : غالبا ما يكون المقابلون فكرتهم عن المتقدمين خلال الثلاث أو الأربع دقائق الأولى من المقابلة .
التأثر بالمعلومات المذكورة في طلبات التوظف : نادرا ما يمكن للمقابلات أن تغير من الرأي أو التوجه الذي كونته طلبات التوظف التي قدمها طالب التوظف .
عادة ما يركز المقابلين اهتمامهم على المظاهر والدلائل غير الإيجابية أكثر من اهتمامهم بمراعاة المظاهر المؤيدة والإيجابية .
إذ كون المقابلون فكرة مبكرة في بداية المقابلة عن الأفراد الذين يتم مقابلتهم ، فإن سلوكهم وتصرفهم عادة ما ينقل ذلك للأفراد .
قد يغطي أحد المظاهر التي يبدو عليها أحد المتقدمين على بقية العناصر الواجب دراستها ، كالسرعة أو حسن المظهر أو التردد .
إذا كان هناك عددا من المقابلين لإجراء المقابلة مع أحد المتقدمين ، ولم يحدث بينهم اتفاق محدد عن المتقدم ، فإنهم غالبا ما يرجئون البت في أمره .
عادة يميل المقابلون إلى اختيار من يتوافق مع ميولهم واتجاهاتهم .
ومع كل هذا يميل الأفراد لإتباع طريقة المقابلة في كثير من الأحيان للمبررات التالية :
تعطي انطباعا لدى المتقدمين بأهمية إجراء الحوار معهم للمفاضلة وانتقاء الأفضل .
المرونة : تتسم المقابلة بقدر وافر من المرونة وسرعة الحصول على المعلومات المتعددة من طالب الوظيفة بصورة مباشرة .
اعتياد الأفراد على وجود مقابلات ، ولذا تحظى بالقبول كجزء من إجراءات الاختيار فقد أثبتت الدراسات أن 95% من المقابلين يفضلون إجراء المقابلة ، كما أشار 85% من طالبي التوظف بأن المقابلة تعد هي الطريقة المناسبة والعادلة لإجراء عملية الاختيار .
أنواع المقابلات :
المقابلات الفردية والجماعية : إن مقابلة أحد المتقدمين عن طريق أحد المقابلين تعد هي النوع الأكثر انتشارا لمقابلات الاختيار ومع ذلك قد تبدو أحيانا أهمية إجراء المقابلات الجماعية للوقوف على جوانب مختلفة أو معلومات متنوعة .
وإن كانت المقابلات الفردية تتميز بضمان التفاعل الكبير من الطرفين ، إلا أن المقابلات الجماعية تتيح الفرصة لتقييم إجابات المتقدم بناء على عدة آراء مما يسمح بالشمول والتكامل وإجراء المقارنات بين المتقدمين .
المقابلات المخططة والمقابلات غير المخططة :تشير المقابلة المخططة ( الموجهة ) إلى التزام المقابل بإطار محدد من الأسئلة تم صياغته قبل إجراء المقابلة بحيث يتم توجيهه لجميع المتقدمين بنفس الأسلوب إن الأسئلة المحددة تعطي للمقابلة صفة الثبات ولكنها لا تسمح للمقابل بدرجة من الحرية والتفاعل مع المتقدم للوظيفة خاصة إذا كانت هناك إجابات تتطلب المزيد من المحادثة والنقاش .
أما المقابلة غير المخططة ( غير الموجهة ) فإنها تسمح بقدر كبير من الحرية للمقابلين في توجيه المقابلة حسب ما يرونه في صالح نجاحها . ولذا يعمد المقابل إلى تحديد الموضوعات الجوهرية والنقاط التي يريد مناقشتها مع المتقدم ، وإن كان يعيب هذا النوع من المقابلات الضعف في درجة الصدق والثبات نتيجة اختلاف الأسئلة أو تسلسلها أو طريقة إلقائها من متقدم لآخر ، إلا أنها قد تكون ضرورية خاصة في الوظائف العليا والتي تتطلب قدر كبير من المهارة في أنشطة متنوعة .
المقابلات المختلطة :
عادة ما يعتمد المقابلون في إجراء مقابلاتهم على مزيج من المقابلات المخططة والمقابلات غير المخططة فالأسئلة المحددة مسبقا والتي تتطلبها المقابلة المخططة تمثل الأساس للحصول على المعلومات التي تفيد في إجراء المقارنات بين المرشحين للوظيفة ، كما تؤدي الأسئلة المفتوحة وغير المحددة مسبقا إلى المناقشة بحرية مع المتقدمين مما يعطي الفرصة الأكبر للمقابل للوقوف على كافة النواحي المتعددة والمتنوعة عن المتقدمين ، ولهذا تلجأ الكثير من المنظمات إلى المقابلة المختلطة للجمع بين مزايا النوعين السابقين .
مقابلات حل المشكلات :
تركز مقابلات حل المشكلات على عرض بعض المشكلات العملية أو الافتراضية على المتقدم ، ذات الصلة بعمله ، ويسأل عن سلوكه وتصرفه حيال هذه المشكلة .
وتكشف هذه المقابلات عن قدرة المتقدم على التصرف في المواقف التي يواجهها ، ولهذا تتسم بقدر كبير من الموضوعية وخاصة عندما تكون المشكلات المعروضة أقرب إلى واقع العمل بالوظيفة ، فقد تشتمل إحدى المقابلات على السؤال التالي : " افترض إنك ستسهم في اتخاذ قرار بشأن ترقية أحد اثنين من المرشحين : الأول مخلص ومتعاون ، ودقيق في مواعيده ، ويعمل بجد ، والثاني دائم الشكوى ، وبطئ في تصرفاته ، وفظ في تعاملاته ولكن أفضل من يعمل داخل قسمه . من الذي توصي بترقيته ؟ ولماذا ؟ ويتم تقييم المتقدم بحسب أسلوبه في التفكير ، وتصرفه في حل المشكلات المعروضة عليه .
مقابلات الضغوط :
تهدف مقابلات الضغوط إلى التعرف على رد فعل المتقدم تجاه بعض المواقف بالضغوط التي يواجهها وهو يمارس الوظيفة . ويجب أن يتميز من يجريها بالكفاءة والخبرة السابقة في إدارة مثل هذه المقابلات ، كما يجب ألا يعتمد عليها إلا إذا كانت طبيعة الوظيفة تقتضي ذلك .
وتركز مقابلات الضغوط على توجيه بعض الأسئلة غير المريحة التي تزعج المتقدم ، وأحيانا تصاغ الأسئلة في شكل استفزازي غير ودي يضع المتقدم في وضع دفاعي مطلوب منه تقديم المبررات للدفاع عن نفسه أو الخروج من هذا المأزق ، وهي تناسب وظائف متعددة من بينها الشرطة والتعامل مع العملاء .
أـمثلة لأسئلة مقابلات الاختيار :
حتى يحصل المقابل على المعلومات التي يريدها عن المتقدم واهتماماته واتجاهاته وخلفياته فإن يوجه إليه عدة أسئلة خلال المقابلة .
أخطاء المقابلات :
يعترض نجاح مقابلات الاختيار بعض الأخطاء والمعوقات ، يرجع بعضها للمقابلين وبعضها الآخر للمتقدمين ، وقد يتمثل سببها الرئيسي في النواحي الإجرائية والتنظيمية والمسارية لإتمام المقابلة :
أخطاء المقابلين : يقع المقابلون في بعض الأخطاء التي تؤدي إلى عدم فعالية نتائج مقابلات الاختيار من بين تلك الأخطاء التحيز الشخصي لبعض المتقدمين والوقوع تحت تأثير الهالة ، هذا إلى جانب طرح بعض الأسئلة البديهية ، ومن الأخطاء القاتلة للمقابلين أيضا محاولة إظهار هيمنتهم وسيطرتهم ومراكزهم الوظيفية والمبالغة في الحديث عن المنظمة والوظيفة على حساب المتقدم وإمكاناته .
أخطاء المتقدمين : يقع بعض المتقدمين للوظائف في أخطاء تؤدي لفشل نتائج المقابلات وتؤثر على اختيارهم لشغل الوظائف الشاغرة يرجع بعضها لمحاولة هجوم المتقدمين على عناصر أخرى لتغطية قصورهم ونقاط ضعفهم المرتبطة بالوظيفة ، كما تقع بعض الأخطاء أيضا نتيجة اندفاع المتقدمين وتسرعهم ، وإذا كان المقابل محترف في إجراء عشرات المقابلات بل المئات منها ويقع في الأخطاء فما بالنا بالمتقدم الذي قد تمثل تلك المقابلة أول تجربة له بجانب التوتر الذي يلازمه والقلق النفسي الذي ينتابه . ويمكن تحديد أهم أخطاء المتقدمين فيما يلي :
توقع لعب المباريات ،حيث يفترض المتقدم أن المقابل ينظر له على أنه مؤهل تأهيلا كاملا لشغل الوظيفة وبالتالي تجده على أهبة الاستعداد للرد والدخول في مباراة مع الطرف الآخر يسعى لكسبها .
الحديث المبالغ فيه : وعن أي الموضوعات وخاصة غير المتعلقة بالوظيفة .
الفخر والتباهي : فالمتقدم يعتزم تسويق نفسه للمقابل وفي سبيل ذلك قد ينسى الوظيفة والواجبات والمسئوليات والإمكانات المطلوبة لتحقيق ذلك .
عدم الإنصات الجيد : إن عدم إصغاء المتقدم بعناية لما يطرحه المقابل قد يؤدي لسوء الفهم وبالتالي عدم الدقة في تبادل المعلومات بين الطرفين .
عدم التهيئ النفسي : إن عدم التهيئة النفسية للمتقدم تؤدي إلى توتره وعدم استقراره وبالتالي تؤثر سلبيا على إجاباته واستفساراته مع المقابل .
الأخطاء التنظيمية والإجرائية للمقابلة :
تمثل الأخطاء التنظيمية والإجرائية لمقابلات الاختيار أحد الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم نجاحها أيضا ، ومن بين تلك الأسباب سوء المكان الذي تتم فيه المقابلة أو عدم تجهيزه وإعداده بالشكل اللائق للمقابلة ، هذا بالإضافة إلى التعديلات المتكررة لمواعيد إجراء تلك المقابلات وعدم الالتزام بها والاستهانة بوقت المتقدمين ، وإلى جانب ذلك الترتيب غير الدقيق لعملية الانتظار وتنظيم دخول وخروج الأفراد وعدم ملائمة المناخ النفسي المصاحب للمقابلة لدخول آخرين أو للمقاطعات التليفونية أو التواجد في غرفة مليئة بالأوراق والدواليب السجلات ...... الخ .
قواعد إدارة مقابلات الاختيار :
من أهم القواعد الواجب مراعاتها لنجاح مقابلات الاختيار ما يلي :
المجموعة الأولى : قبل إجراء المقابلة :
التأكد من إلمام المتقدمين بملخص واف عن المنظمة بالإضافة إلى الوظيفة المرشح لها .
التأكد من استيفاء نماذج طلب التوظف وتوفر المستندات والأوراق الضرورية المرتبطة بالمقابلة ومنها بطاقات الوصف والتوصيف الوظيفي .
إعداد المكان المناسب والمجهز لإجراء المقابلة بعيدا عن كافة أنواع المقاطعات ومنها الشخصية والتليفونية .
متابعة المقابلين الآخرين والتأكد من إعلامهم هم والمرشحين بالميعاد والتاريخ ومكان المقابلة .
مراعاة مناسبة الوقت المحدد لإجراء المقابلة والتأكد أنه يسمح بمناقشة المرشحين في البطاقات التي ملؤها والموضوعات والتساؤلات الأخرى المتوقعة .
صياغة بعض الأسئلة والاستفسارات التي تؤكد أن الأبعاد الهامة قد تم مراعاتها وظيفتها .
التأكد من مشاركة جميع المقابلين واهتمامهم بمناقشة المتقدمين وسعيهم لنجاح المقابلة .
المجموعة الثانية : أثناء المقابلة :
وضع تصور للجدول الزمني لمقابلة بحسب الأسئلة والاستفسارات مع مراعاة وقت الدخول والانصراف .
مراعاة التسلسل والتدرج أثناء إجراء المقابلة في بدايتها ومنتصفها وفي النهاية .
البدء بالترحيب بالمتقدمين ووضعهم في المكان المناسب والجلوس في مقابلهم .
تعرف المتقدمين بالمقابل أو المقابلين بشكل ودي .
تحديد الهدف من المقابلة وبيان كيفية إتمامها .
محاولة البدء بتوجيه الأسئلة المفتوحة التي تشجع المتقدمين على الحديث وخاصة تلك التي تبدأ بـ : من ؟ وماذا تعتقد ؟ أين ؟ متى ؟ لماذا ؟ أو أن يبدأ السؤال هكذا .... حدثنا من فضلك ما الذي تراه بشأن ......
الاستعانة بالبيانات المذكورة في طلب التوظف الذي استوفاه المتقدم والتساؤل عن أي بيانات تكميلية أو غير واضحة .
يجب الانتباه لتعبيرات المتقدمين وحركاتهم والاستفادة من اللقاء المباشر في الكشف عن الخصائص والمواصفات الضرورية .
يجب عدم التردد في حمل المتقدم على الإجابة بدقة عن الأسئلة إذا شك المقابل في بعض إجاباته ، مع مراعاة الأسلوب والطريقة المناسبة .
الإنصات بدقة لحديث المتقدم ومحاولة قراءة ما بين السطور والتعرف على ما لم يقله .
توجيه الأسئلة للمتقدمين لبيان الأمثلة والنماذج التوضيحية لما يقولونه مما يظهر أفكارهم بوضوح ويبين تجاربهم ومار خبراتهم الماضية .
يجب أن يسجل المقابل أفكاره وآراءه وملاحظاته بصورة مباشرة عن المتقدم ، ويفضل ألا يزيد عدد الأفراد الذين يتم مقابلتهم في اليوم عن ستة أشخاص .
مع اقتراب المقابلة من نهايتها يجب أن يسأل المقابل المرشحين عن أية أسئلة أو استفسارات يريدون توجيهها للتعرف أكثر عن الوظيفة أو المنظمة .
يجب إخبار المرشحين عن الموعد الذي يمكنهم فيه التعرف على نتيجة المقابلة والإجراءات المكملة بعد ذلك .
المجموعة الثالثة : بعد المقابلة :
تسجيل بيانات نتائج المقابلة بشكل مباشر ودقيق .
إبلاغ المتقدمين بالنتائج بسرعة كلما كان ذلك ممكنا .
إبلاغ المتقدمين الذين نجحوا في المقابلة بشروط التعيين وإجراءاته والأجور والحوافز الخاصة بالوظيفة مع إعداد عقود التعيين