تعددت المفاهيم التي تهدف إلى تعريف الخصخصة حيث يختلف معناها باختلاف الظروف الاقتصادية التي تطبق في ظلها واختلاف الأهداف التي تسعى إليها يمكن القول إذن بأن الخصخصة أو التخصيصية مفهوم عام ليس له تعريف اقتصادي محدد حيث يشمل عددا واسعا ومتنوعا من الأنشطة الاقتصادية التي تؤدي إلى زادة دور القطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية وتقليص دور قطاع الأعمال حيث يرى فيرنون أن الخصخصة تشير إلى تقليل سيطرة ورقابة الحكومة على النشاط الاقتصادي .
ولقد توصلت إحدى الدراسات إلى أن تعريف مفهوم الخصخصة يدور أساسا حول ثلاثة اتجاهات أولها يشير إلى أن الخصخصة تعلن منح القطاع الخاص دورا متزايدا داخل الاقتصاد القومي من خلال توسيع قاعدة الملكية الخاصة وتصفية القطاع العام إما كليا أو جزئيا . أما الاتجاه الثاني فيرى أن الخصخصة هي وسيلة يمكن اللجوء إليها للتخلص من الشركات العامة الخاسرة وردها إلى القطاع الخاص بحيث ترتفع إنتاجيتها وتحقق أرباحا . أما الاتجاه الثالث فيعتمد على توسيع مفهوم الخصخصة لكي يشير إلى عملية التحول من الاقتصاد المخطط إلى الاقتصاد الحر والاتجاه نحو برنامج للتحرر الاقتصادي يعتمد على قوى السوق في اتخاذ القرارات وقصر دور الحكومة على الإشراف والرقابة والتوجيه لأوجه النشاط المختلفة .
ويرى البعض إمكانية إضافة مفهوم آخر للخصخصة يقوم على خصخصة الإدارة بمعنى تبني فلسفة إدارة المشروع الخاص لإدارة وحدات القطاع العام أي الاعتماد على آليات السوق لاتخاذ كافة القرارات الاستراتيجية وهنا لن يكون عامل الملكية هو العامل المحدد لعملية الخصخصة .
وباستقراء التعريفات السابقة يلاحظ تعدد مفاهيم الخصخصة ما بين مفهوم ضيق يشير إلى مجموعة من الوسائل التي يتم من خلالها نقل ملكية المشروعات العامة إلى القطاع الخاص ومفهوم واسع يشير إلى أساليب إدارة المشروعات العامة وفقا لنفس الأسس والمبادئ المستخدمة في القطاع الخاص . لذلك يمكن القول بأن الخصخصة أو التخصيصية تشير إلى عملية بذل الجهود لرفع كفاءة المشروع المملوك ملكية عامة من خلال إدخاله تحت سيطرة نظام الحوافز الخاص بالسوق الحر وهذا التعريف يمثل في الواقع الهدف النهائي لجميع أشكال الخصخصة .
وإسنادا إلى التعريفات السابقة فإن عملية الخصخصة يمكن أن تتخذ أشكالا متعددة من بينها :
عملية البيع الكامل أو الجزئي للشركات العامة للجمهور ( من خلال طرح أسهم هذه الشركات للاكتتاب العام ) أو للعاملين في هذه الشركات .
التأجير طويل الأجل لأصول الشركات العامة .
التعاقد مع القطاع الخاص لإدارة المشروعات العامة مع استمرار ملكية الحكومة لهذه المشروعات .
تصفية الوحدات الحكومية التي يثبت عدم صلاحيتها للاستثمار لعدم توفر جدوى اقتصادية منها .
تخفيف القيود والعقبات التي تقلل من قدرة الإدارة على تشغيل المشروعات بفاعلية .
ولقد أشارت إحدى الدراسات إلى وجود ثلاث استراتيجيات رئيسية يمكن إتباعها في مجال الخصخصة وهي استراتيجيات انسحاب الدولة من الاستثمار الاستبعاد والتفويض حيث تشير الاستراتيجية الأولى إلى قيام الدولة بإنهاء ملكيتها لمشروع أو أكثر من المشروعات العامة أو لبعض الأصول المملوكة ملكية عامة وذلك إما عن طريق البيع أو عن طريق الهبة ( كأن يتم إعادة المشروعات لأصحابها ) أما الاستراتيجية الثانية فتشير إلى استبعاد دور الحكومة وإحلال القطاع الخاص وهي استراتيجية بطيئة وغير واضحة وتشير إلى الرغبة في تطوير الخصخصة بشكل تدريجي . وفي ظل الاستراتيجية الثالثة تقوم الدول بتأسيس القطاع الخاص ليقوم بأداء النشاط المتعلق بإنتاج السلع أو الخدمات في ظل إشراف ورقابة الدولة .
وبدارسة تجارب بعض الدول وبصفة خاصة الدول النامية يتضح اختلاف أساليب وأدوات الخصخصة من دولة لأخرى حيث أن اختيار وتحديد طبيعة برنامج الخصخصة يخضع في الواقع للعديد من الاعتبارات المرتبطة بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في الدولة مثل أهداف الدولة ورغبتها في التحول إلى القطاع الخاص ومستوى الأداء المالي للشركات المملوكة ملكية عامة وكفاءة أسواق رأس المال . فقد أظهرت إحدى الدراسات التي قام بها البنك الدولي وشملت 530 عملية خصخصة تمت في حوالي 90 دولة أن البيع المباشر لأصول الشركات العامة كان أكثر الطرق شيوعا وذلك بسبب ضعف سوق الأوراق المالية في هذه الدول هذا بالإضافة إلى أن هذا الأسلوب كان هو الأفضل نظرا لانخفاض الأداء المالي لهذه الشركات .